محو الأمية المالية يحقق تطلعات جيل الألفية - بقلم علي سجواني

Sat, 19 Oct, 2019
محو الأمية المالية يحقق تطلعات جيل الألفية - بقلم علي سجواني

يتطلع كل إنسان إلى بناء ثروة وإدارة شؤونه المالية بشكلٍ أفضل، لكن غالباً ما يبدو هذا الأمر معقداً جداً من الناحية العملية، وذلك بسبب عدم الدراية الكافية بعالم المال. ويمثل محو الأمية المالية مشكلةً هامة في الإمارات العربية المتحدة والعالم بشكل عام؛ حيث أفادت دراسة حديثة بأن 38% فقط من البالغين في الإمارات يتمتعون بدراية بالشؤون المالية(1). وقد يشكل هذا الرقم صدمةً للكثيرين، خصوصاً بالنظر إلى مكانة الإمارات الرائدة على خارطة الاقتصاد العالمي، لكن يمكن عزو الفجوة في محو الأمية المالية إلى حقيقة أن الإمارات العربية المتحدة دولةٌ حديثة نسبياً. وهنا تبرز الحاجة الملحة لمعالجة هذا التحدي المالي، وخصوصاً بالنسبة إلى جيل الألفية الذي يشكل قرابة 36% من مجموع سكان الدولة؛ فقد برز هذا الجيل، على صعيد التاريخ البشري، بوصفه الجيل الذي ورث أكبر انتقال للثروة عبر الأجيال والتي بلغت 17 تريليون دولار أمريكي أي ما يعادل 10% من الثروة الخاصة في العالم(2). لك أن تخيل فقط ماذا يمكن تحقيقه عند تشغيل هذه الثروة بأكملها!

إذاً، ما الذي يجعل المرء أمياً من الناحية المالية؟ تلخص منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا المفهوم بوضوح، حيث تعرّف محو الأمية المالية على أنها: "مزيج من الوعي والمعارف والمهارات والمواقف والسلوكيات الضرورية لاتخاذ قرارات مالية سليمة وبالتالي تحقيق الرفاه المالي للفرد". فالأمر يتمحور حول إتقان أهم المهارات المالية الضرورية لإدارة تطلعاتك واحتياجاتك المالية المستقبلية. ولسوء الحظ، يدفعك النظام التعليمي الحالي إلى الاحتراف، إلا أنه لا يزودك بمهارات الإدارة المالية في عمر مبكر. وبالتالي تضطر إلى مواجهة بعض التحديات من دون دراية مسبقة بالسبل الأنجح لمعالجتها. لكن، إليك بعضاً من النصائح التي يمكنك اتباعها، لتعزيز أمنك وإمكاناتك على الصعيد المالي.

حدد أهدافك

لا بد أن تدرك تماماً النتائج التي تأمل تحقيقها، وبالتالي فإن تحديد أهدافك المالية يعدّ الخطوة الأولى على هذا الطريق. حدد إمكانيات التوفير المتاحة أمامك من خلال تحليل مدخولك ومصروفك الشهري، ثم التفكير بما تريد تحقيقه على المدى القصير والبعيد. قد تكون الأهداف قصيرة الأمد كشراء سيارة جديدة أو الذهاب في عطلة أو إتمام تعليمك العالي إنجازاتٍ هامة تسهم في تحقيق أهدافك الطويلة الأمد كشراء عقار أو التقاعد مبكراً. لكن لكل شخص تطلعاته وطموحاته الخاصة، وكي تحدد أهدافك المالية لا بد أن توازن أولاً بين تطلعاتك وإمكاناتك المالية. وفور إتمام هذه المرحلة، يكون الوقت قد حان لوضع ميزانية والالتزام بها.

فكّر بتحقيق دخل مالي دون عناء

قال وارن بافيت ذات مرة: "ما لم تجد طريقة لجمع المال وأنت نائم، فخيارك الوحيد هو العمل طيلة حياتك"، وأنا أوافقه بشدة. فتحقيق دخل مالي دون عناء جانبٌ له أهمية قصوى في إطار عملية محو الأمية المالية؛ وعليك استثمار أموالك في المكان الصحيح لتحقق لك عائدات مناسبة. لكن قبل هذا، عليك تحديد مدى المخاطرة التي تنوي القيام بها. ففي معظم الحالات، يرجح أن تحقق الاستثمارات عالية المخاطر عائداتٍ أكبر، في حين تتميز الاستثمارات منخفضة المخاطر بمستوياتٍ عالية من الأمان، ولكن بعوائد أقل. وبإمكانك استشارة خبراء تخطيط مالي معروفين للبدء بمحفظتك الاستثمارية. لكن أودّ أن ألفت انتباهك إلى ضرورة البدء بحجم صغير ومن ثمّ تطوير المحفظة تدريجاً.

فكّر بالاستثمار في القطاع العقاري

قد يكون الاستثمار في القطاع العقاري من بين أكثر الاستثمارات حكمةً، وعلى الرغم مما يشهده من انتعاشاتٍ وانتكاسات، إلا أنه يحقق الأرباح على المدى الطويل بشكل شبه أكيد. وتبرز طريقتان للاستثمار في العقارات، شراء منزل أو شراء أصول استثمارية؛ حيث سيخلصك شراء منزلك الخاص من دفعات الإيجار، فيما ستشكل الأصول العقارية الاستثمارية مصدراً ممتازاً لتحقيق الدخل من دون عناء. لكن أعظم ما في الأمر هو أن المصارف ستقرضك الأموال لشراء العقارات. كما أن عائدات تأجير العقارات قد تحقق لك مع الوقت عائدات استثمارية أكبر بكثير مقارنةً بغيرها من الأصول. وتتمثل النصيحة الأهم عند استثمار أموالك في العقارات بالتعامل مع شركات التطوير العقاري الموثوقة والمعروفة والتي بوسعها إرشادك حول أفضل الخيارات.

قد يبدو الأخذ بهذه النصائح أمراً ليس بهذه السهولة، غير أن إدارة شؤونك المالية تتطلب التصميم والالتزام. ولسوء الحظ، فإننا لا نمتلك معرفةً قيّمة في عالم المال، على الرغم من كونه المحور الذي يدور العالم بأسره حوله. ويتعيّن على المدارس أن تبدأ بتعليم طلابها مختلف المواضيع المالية في عمر مبكر، كما ينبغي على المصارف وغيرها من المؤسسات المالية أن تعزز من جهودها في توعية الأفراد بمنتجاتها وخدماتها. هذا وتشيع فكرة التقاعد بعمر الأربعين بين أبناء جيل الألفية والجيل الذي يليهم، ولتحقيق هذا الحلم لا بدّ لك أن تتخذ قرارات مالية واسعة المعرفة في وقت مبكر من حياتك. وتتوفر بين يديك الأدوات التي تتيح لك بناء ذاتك وتحقيق كل ما تصبو إليه.

المصادر:

  1. https://gulfnews.com/how-to/your-money/only-38-of-adults-in-uae-are-financially-literate-study-1.1629823
  2. https://realdaily.com/millennials-stand-to-inherit-24-trillion-but-exactly-when-is-hard-to-say/