القطاع العقاري ومستقبل العمل

Wed, 21 Aug, 2019
القطاع العقاري ومستقبل العمل

يشهد كلٌّ من قطاع التكنولوجيا والمجتمع تطوراً مطرداً وغير مسبوق، ما يعني دخول الأعمال العصر الدارويني الرقمي. لذا تحتاج الشركات إلى تبنّي منهج فكري جديد ومفاهيم مختلفة كلياً حول القيادة ونماذج الأعمال الإبداعية، وذلك لتواكب ملامح المستقبل التي تنكشف ملامحه سريعاً. وتتردد اليوم عبارة "التطور أو الاندثار" في مختلف القطاعات، إذ سيستطيع القادرون على الاستجابة للمتغيرات المستقبلية في بيئة الأعمال بمرونة وذكاء من العبور إلى الضفة الأخرى.

ويواجه القطاع العقاري حاجة ملحة إلى مواكبة التقنيات الجديدة والتبدلات الديموغرافية وتلبية مطامح وتوقعات أصحاب المصالح الآخذة بالتطور. ما يحتّم علينا تقييم أنفسنا أولاً، لإحداث التغييرات الضرورية في طريقة تفكيرنا وعملنا وآلية نمونا، بهدف الحفاظ على كفاءتنا مستقبلاً. ولا يمكن تحقيق التحول اللازم من خلال مواجهة العراقيل الحالية فحسب، بل من خلال انتهاج عقلية استباقية عبر استقراء التأثيرات الكامنة خلال عملية التغيير وتصميم ملامح المستقبل بالصورة الأمثل.
 
مواكبة التكنولوجيا قبل فوات الأوان

لا بد من مواجهة الحقيقة؛ حين يتعلق الأمر بتحول الأعمال، كثيراً ما تكون التكنولوجيا العنصر الحاسم الذي يتم إغفاله. فلا شك أن تبنّي التكنولوجيا المناسبة هو من أكبر التحديات التي تواجهها الأعمال في مختلف القطاعات خلال سعيها إلى التحول الرقمي، ولا يعتبر القطاع العقاري استثناءً. وفي دراسة أجريت في جامعة أوكسفورد حول مستقبل أكثر من 700 مهنة، ظهرت الوظائف العقارية بين الاحتمالات الأكثر عرضة للتأثر سلباً بالذكاء الاصطناعي وقوى تقنية أخرى. وعلى عكس الاعتقادات السائدة، لن تكون الخوارزميات بديلاً للبشر، لكنها ستدعم القوة البشرية العاملة. لذلك، بينما يلعب تبنّي التكنولوجيا دوراً حيوياً في القطاع العقاري، تزداد أهمية تحسين مهارات الأشخاص وتطوير ثقافة تمهد لمستوى من الراحة والتصالح مع فكرة التعاون بين الإنسان والآلة. وقد قمنا في ’داماك‘ -في إطار استراتيجيتنا للتحول الرقمي- بتطبيق تقنيات نمذجة معلومات المباني، وهي عملية إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد ومتطورة تستند على المعلومات وتتيح لنا تحقيق القيمة الأفضل عبر مختلف مراحل المشروع، عن طريق تقديم المعلومات والأدوات للمصممين والمعماريين وخبراء البناء، بغية تخطيط وتصميم وإدارة عمليات البناء بكفاءة أكبر. وقد قمنا بنقل كامل بيانات عملائنا إلى ’سيلز فورس‘، وهي منصة إدارة علاقات عملاء متكاملة تمكّن الوظائف المختلفة ضمن المنظمة من الاطلاع على العملاء بوضوح أكبر. وبالرغم من أن التحول الرقمي قد ينطوي على العديد من المصاعب، فإن الحل الأمثل يكمن في الشروع بتطبيق استخداماته ضمن المجالات التي ستقدم أكثر النتائج وضوحاً وتأثيراً.

منهجية فكرية تضع الموارد البشرية في المقام الأول

على الرغم من تربّع التكنولوجيا المكانة الأولى في معظم حوارات التحول، لكن علينا أن ندرك بأنها ليست سوى أداة فعالة لرسم ملامح المستقبل، حيث تشكّل الموارد البشرية المفتاح الأساسي لهذا التحول. وللمرة الأولى في التاريخ، تضم العديد من أماكن العمل أشخاصاً من خمسة أجيال؛ هي جيل التقليديون وجيل طفرة المواليد وجيل الستينات إلى أوائل الثمانينات وجيل الألفية والجيل الذي يلي جيل الألفية. وثمة تغير ملحوظ في ديموغرافية العالم، إذ سيشكّل الجيل الذي يلي جيل الألفية نسبة كبيرة من القوة العاملة في المستقبل، وهو جيل يتميز بروح تنظيمية تألف مفهوم "اقتصاد الأعمال الحرّة "، وباختلافه عن أسلافه اختلافاً شاسعاً على صعيد التطلعات والقيم. ومن الضروري فهم ما يحفز هذا الجيل والعمل منذ اليوم في سبيل بناء الثقافة المنشودة، لتحقيق النجاح المستقبلي للأعمال. فلن يظل الراتب أو اسم العلامة التجارية كافياً لجذب المواهب والحفاظ عليها، حيث تظهر الدراسات أن أبناء جيل الألفية والجيل الذي يلي الألفية يميلون إلى العمل لدى المنظمات ذات الغاية الأسمى التي يستطيعون الانتماء إليها. وسيتعين على الشركات العقارية اليوم ومستقبلاً توفير المزيد من الفرص لإدماج الموظفين وتمكينهم من التطور الذاتي والمهني، علاوة على خيارات العمل عن بعد للمحافظة على أفضل المواهب. وقد أرسينا في ’داماك‘ ثقافة أسرية مدفوعةً بمساعينا الرامية إلى تطوير موظفينا على كافة الأصعدة. وقد أطلقنا ’داماك أكتيف‘، الفعالية الرياضية الخاصة بموظفينا، لتعزيز مستويات تفاعل أفراد فريقنا وتحسين صحتهم ولياقتهم.
 
جيل جديد من القادة

تحتاج مشاريع الأعمال إلى هيكلية قيادية جديدة تضع الأمور في نصابها، في ظل المستجدات التكنولوجية المتسارعة بالتوازي مع تطور القوة العاملة. ويتطلب مستقبل العمل قادة مستقبليين، حيث تحتاج المنظمات إلى البدء بتحديد القادة المحتملين وتزويدهم بمجموعة جديدة كلياً من المهارات. وتشير الأبحاث إلى أن المستقبل سيشهد انهياراً في قيود العمل، وستصبح المناصب الوظيفية أكثر مرونة مقارنة بوضعها الراهن. كما سيفضل الجيل القادم من الموظفين هيكلية قيادية بعيدة عن التراتبية وتشجع على التنوع والانسجام، ومنهجاً ديمقراطياً في صنع القرار، وإجراءات كفيلة بتطوير الموظفين. وعلاوة على التفوق في المهارات الصعبة، يحتاج قادة المستقبل إلى التحلّي بمهارات شخصية، مثل الذكاء العاطفي والتواصل والتمكين والنهوض بالأفراد. ويحتّم التطور التكنولوجي السريع على القادة في مختلف الأقسام تطوير فهم راسخ للتقنيات المختلفة وأثرها على العمل. كما يتوجب على القادة أن يحرصوا على تطوير مهارات أعضاء فريقهم بفاعلية وتزويدهم بالمهارات المطلوبة للمستقبل، مثل الإبداع والتفكير التحليلي وصناعة القرار والذكاء الثقافي والتعلم النشط وغيرها الكثير. وسيلعب القادة أهم الأدوار الحاسمة في إيجاد منهج فكري تنظيمي يعزز المرونة اللازمة للنهوض باستراتيجيات التحول الخاصة بهم.
 
وبالرغم من أن صورة مستقبل العمل قد تبدو فكرة بعيدة، لكنها في الواقع أمر محتوم قد بدأت ملامحه بالتكشف. ويتوجب على القطاع العقاري، الذي بات شهيراً بتأقلمه المتأخر مع التغيير، أن يتحرك بسرعة ليلبي متطلبات الغد. كما نحتاج إلى إجراء تقييم لأنفسنا وإحداث تغييرات هيكلية وثقافية تمكّننا من الاستجابة بشكل أفضل مع معالم المستقبل المعلومة والمجهولة. وفي ’داماك العقارية‘، التي توفر العديد من الخيارات التي تشمل شقق للبيع في دبي و فلل للبيع في دبي، نثق أنّ تبنّي منهج استباقي للتحوّل هو المفتاح لرسم مستقبل العمل، من خلال القرارات المستنيرة ونفاذ البصيرة، حيث اعتمدت الشركة مؤخرا العديد من الاستراتيجيات التي تتماشى مع التوجهات التقنية، مثل قبول الدفع بالعملات الرقمية وإنشاء معامل دي-لابس وغيرها.